تشهد الجزائر منذ بداية الصيف موجة حر استثنائية طالت معظم مناطق البلاد. تجاوزت درجات الحرارة عتبة 40 درجة مئوية بانتظام، وبلغت أحيانًا أكثر من 47 درجة في الجنوب والهضاب العليا. هذه الظروف المناخية القاسية أثرت بشكل مباشر على الحياة اليومية، الصحة العامة والاقتصاد الوطني.

المراكز الصحية تدق ناقوس الخطر

في المدن الكبرى مثل الجزائر العاصمة، وهران وقسنطينة، ارتفع الطلب على الكهرباء بشكل غير مسبوق في الصيف . فالاستخدام المكثف للمكيفات والمراوح أدى إلى ضغط كبير على الشبكة الكهربائية للبلاد في الصيف، ما تسبب في انقطاعات متكررة، خصوصًا خلال أوقات الذروة. الأمر جعل المواطنين يعيشون ساعات طويلة في ظروف صعبة، في أكثر الفترات حرارة من النهار. أما المراكز الصحية، فقد دقت ناقوس الخطر بسبب تزايد حالات الجفاف، ضربات الشمس والمضاعفات التنفسية، خاصة لدى الأطفال، المسنين والمرضى المزمنين.

القطاع الفلاحي لم يسلم بدوره من تأثير هذه الحرارة الشديدة. فالمزارعون يواجهون جفافًا مستمرًا يهدد المحاصيل ويقلص الموارد المائية. كما يواجه مربو الماشية صعوبات كبيرة في توفير الماء والعلف لحيواناتهم. وتزداد خطورة الوضع مع اندلاع حرائق الغابات كل صيف، والتي تغذيها الرياح الساخنة والجافة، متسببة في خسائر بيئية واقتصادية فادحة .

حملات توعية للمواطنين للوقاية من الحرارة

من جانبها، أطلقت السلطات حملات توعية واسعة لحث المواطنين على شرب كميات كافية من الماء، تجنب التعرض لأشعة الشمس في ساعات الذروة، وترشيد استهلاك الطاقة. كما تم تعزيز خطط الوقاية من الحرائق، مع تسخير فرق التدخل السريع في المناطق المعرضة للمخاطرة

غير أن موجة الحرارة المتكررة تكشف حقيقة أعمق: الجزائر من أكثر الدول تأثرًا بتبعات التغير المناخي. ولهذا، يؤكد الخبراء على ضرورة تبني سياسات مستدامة لإدارة الموارد المائية، تطوير الطاقات المتجددة، وتكييف البنى التحتية الحضرية لمواجهة الظواهر المناخية المتطرفة.

تعديل ساعات العمل

وفي انتظار حلول بعيدة المدى، يحاول الجزائريون التكيف بطرق بسيطة ويومية: تعديل ساعات العمل، البحث عن أماكن أكثر برودة، والاعتماد على التضامن بين الجيران والأسر. ومع كل صيف يزداد قسوة، تصبح حرارة الجو عاملًا أساسيًا يفرض نفسه على تفاصيل الحياة اليومية في البلاد.